كان رابح يستغرب أن بطن أمه يزداد حجمه يوماً بعد يوم. قلق على أمه، هل سينفجر بطنها كالبالون عندما ينفخ؟
من شدة قلقه كان رابح يحاول ألاّ يقترب من بطنها حتى لا ينفجر، مما أثار استغراب أمه، أخيراً قرر أن يسألها عنه فقال:
ـ أنا قلق بشأنك يا أمي!
ـ لماذا يا بني؟
ـ لأن بطنك يزداد حجمه يوماً بعد يوم.
ضحكت أمه فاستغرب ذلك كثيراً:
ـ هل قلت شيئاً مضحكاً يا أمي؟..
ـ لا، لكن بدل الخوف، عليك أن تبتهج.
ـ لماذا يا أمي؟
ـ لأنك قريباً ستجد من يلاعبك وتلاعبه ويحبك وتحبه.
ـ وكيف ذلك؟..
ـ قبل أن ألدك حصل الشيء نفسه، فقد حملتك في بطني حتى كبرتَ كفاية ثم ولدتك. نعم يا بني، يكبر بطن الأم كي يتسع لما بداخله من أطفال طيبين.
بعد ليال استيقظ رابح على صراخ أمه. اتصل أبو رابح بأخت زوجته لتعتني بها حتى صباح الغد، حيث سيذهب الجميع معها إلى المشفى.
سأل رابح خالته بقلق عندما وصلت:
ـ ما الذي يحصل يا خالتي؟
ـ لا تقلق. فأمك ستلد قريباً طفلاً جميلاً.
أحس رابح بالحزن لأن الأطفال الجدد يحتاجون العناية كلها من الأهل وهذا يعني أنَّ والديه لن يهتما إلاَّ بالمولود الجديد.
في اليوم التالي سمع رابح صوتاً حنوناً دافئاً، اقترب من مصدر الصوت ورأى شيئاً يتحرك بين ذراعي أمه، كان ملفوفاً بقماش أبيض، ووالدته تضمه إلى صدرها بشوق، رفض في البداية أن ينظر إليه. بعد قليل، أخذ ينظر بطرف عينيه، ففوجئ بطفل كالملاك جذب اهتمامه فاقترب أكثر. نظر إلى أمه، فقالت له:
ـ هذه أختك الجديدة يا رابح، ألا تسلم عليها؟..
شعر بحب وحنان غريبين تجاه أخته. انحنى ليقبلها. سامحَ رابح أخته على الآلام التي سببتها لأمه عندما كانت في بطنها.
تأمل رابح بطن أمه بعد أيام، فوجد حجمه قد صغر. فرح لأن أمّه لن تنفجر، ولأنها عادت نشيطة كما يعرفها دائماً، وازدادت سعادته بهذا الضيف الرقيق الذي رحبت به الأسرة كلها.