رأتْ القطّةُ فُلّةُ قطّةً كبيرةً فوقَ عينيها نظارةٌ، قطّةً عجوزاً لا تستطيعُ الحركةَ إلاّ بصعوبةِ، كانتْ جالسةً فوقَ ساحةِ الحديقةِ الخضراءِ تعبةً وعكازتُها قريبةٌ منها..
ـ قالتْ لها فُلّةُ باسمةً بعدَ أن سلّمتْ عليها: من فضلكِ يا خالةُ ألا تقدمينَ لي نصيحةً؟
آهٍ.. وابتسمتْ القطّةُ العجوزُ وقالَتْ:
يا بُنيّتي الصغيرةَ، لا تعتدي على أحدٍ، ولا تصرخي في الليلِ صراخاً عالياً فتزعجي النائمينَ.. وكوني وفيةً لأهلِ بيتكِ..
ـ نظرَتْ إليها الطفلةُ غصونُ وهزّتْ رأسَها باسمةً مدهوشةً بنصائحِ القطّة ِالعجوزِ.
ثم قالتْ القطّةُ فُلّةُ: طيّبٌ يا خالةُ.. وماذا بعدُ؟
ـ آهٍ يا صغيرتي، يبدو أنّكِ تحبيِّنَ النصائح، حسنٌ.. واعتمدي على نفسكِ.. ولا تأكلي شيئاً إلاّ بعرقِ جبينكِ... ولا تنسَيْ مساعدةَ الآخرين..
ـ أوهْ.. كم أشكُركِ يا خالةُ على نصائحِكِ..
همّتْ القطّةُ العجوزُ بالنهوضِ إلاّ أنّ فُلّةَ قالتْ:
دقيقةً واحدةً من فضلِك يا خالةُ.، وهمّستْ في أذنِ صديقتِها (غصون) شيئاً، ثم دخلتْ الدارَ.. وعادَتْ بصينيةٍ فيها قطعةُ من الجبنِ وقشطةٌ.. وشيءٌ من الخبزِ، ووضعتْها أمامَ القطّةِ العجوزِ.. وهي تقولُ: أنتِ ضيفتنا اليومَ.. أوه.. ما هذا!!؟ شكراً يا بُنيتي..
ـ ابتسمتْ غصونُ وقالتْ مازحةً:
تعرفينَ الأصولَ يا ذكيةُ..