في عصر من العصور كان عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-أميرًا للمؤمنين، وكان يرسل جنوده إلى البلاد البعيدة ليفتحوها ويدخلوا الإسلام فيها. وفي هذا الوقت كان يعيش ولد طيب اسمه كلاب، وكان له أب وأم كبيرين جدًا، وكان كلاب يساعد أبويه في كل شيء، فيحلب لهما اللبن، وينظف البيت ويلبي طلباتهما، فقد كان أبواه لا يقدران على ذلك. وفي يوم من الأيام سمع كلاب أن الجهاد أحب الأعمال إلى الله وكان يحلم أن يموت شهيدًا ليدخل الجنة فطلب أن يكون في جيوش عمر بن الخطاب وقَبِلَه عمر، ففزع أبو كلاب وقال له: يا بني من يرعاني ويرعى أمك ؟ ألا تعلم أنى شيخ كبير ؟ أنا لا أتحمل بعدك عني.
فجلس كلاب مع أبيه وظل يلح عليه حتى قبل الأب، وكان يظن أن كلابًا لن يتأخر، ومرت الأيام والأسابيع ولم يرجع كلابًا. وذات يوم كان الأب يجلس تحت شجرة فرأى حمامة تحمل الطعام في منقارها الصغير لأولادها في العش فتذكر ابنه كلاباً وظل يبكي حتى أصيب بالعمى. وذهب بعد ذلك إلى عمر بن الخطاب وطلب منه أن يرجع كلابًا، فكتب عمر خطابًا يطلب فيه من كلاب أن يرجع . فرجع الأب إلى بيته وجاء كلاب إلى عمر بن الخطاب فأمره عمر أن يحلب اللبن، ثم أخذ منه اللبن وأعطاه للأب فلما وضع الأب اللبن على فمه-وكان أعمى-قال: إنني أشم رائحة كلاب أين هو ؟ فقال عمر: إن كلاباً موجود معنا الآن. فقام الأب يقبل ابنه ويبكي، وظل كلاب يرعى أبويه حتى ماتا ثم ذهب للجهاد مرة أخرى.